رحلة في أعماق الحروف والكلمات
في استفتاحية تدوينات ودَّان، اخترت أن نُبحر سوياً في أحد أجمل الكتب التي مرّت علي في عالم الكتابة وهو كتاب “لماذا نكتُب؟” لميريدث ماران.
حيث تسلِّط ميريدث الضوء على أجوبة عشرين من أشهر كُتاب العالم لأسئلة الكتابة الأكثر عمقاً.
لماذا نكتب؟ هل نكتب لنُسمع أصواتنا، أم لنُرتِّب أفكارنا في عالم مزدحم بالضجيج؟ هل نكتب لأن الكلمات هي أصدق امتداد لأرواحنا، أم لأن الكتابة هي الوسيلة الوحيدة التي تمنح الفوضى معنى؟
هذا هو السؤال المحوري الذي يطرحه كتاب لماذا نكتب؟، وهو ليس مجرد استكشاف للكتابة كحرفة، بل كوجود وكحالة ذهنية يعيشها الكُتّاب. الكتاب يجمع بين أصوات متعددة من الأدباء، كل واحد منهم يحاول بصوته الخاص تفسير الدافع الخفي وراء هذا الفعل الذي قد يبدو بسيطًا، لكنه في الحقيقة معقد بقدر تعقيد الروح البشرية.
الكتابة: شغف أم قدر؟
يتحدث العديد من الكُتّاب في هذا الكتاب عن الكتابة بوصفها قدراً لا مهرب منه. فمنهم من يرى فيها خلاصًا، ومن يعتبرها ساحة صراع دائم، وبعضهم يكتب لأنه لا يستطيع التوقف، وآخرون يكتبون لأن العالم سيكون أقل احتمالًا إن لم يفعلوا. إنها ليست مجرد مهنة أو عادة، بل هي حالة وجودية تتداخل مع نبضات القلب، مع الأفكار الهائمة التي لا تهدأ إلا إذا وُضعت على الورق.
رحلة في دوافع الكتابة
من خلال صفحات هذا الكتاب، نستكشف قصصًا عن الكتابة بوصفها مصدر شفاء، وسلاحًا في وجه الألم، وطريقة لفهم الذات والعالم. إليزابيث جلبرت، على سبيل المثال، تتحدث عن الكتابة كنوع من الإلهام الذي يجب على الكاتب أن يكون مستعدًا لاحتضانه عندما يأتي. بينما يرى آخرون أن الكتابة ليست إلا عملاً شاقًا يتطلب الانضباط والمثابرة أكثر من كونه إلهامًا عابرًا.
ما الذي يجعل الكتابة ضرورة؟
يقدم لماذا نكتب؟ رؤية واسعة عن الكتابة بوصفها قوة دافعة داخلية، تختلف من كاتب لآخر. فهناك من يكتب بدافع الحنين، ومن يكتب بدافع التمرد، وهناك من يكتب ليترك أثرًا، ولو كان بسيطًا، في هذا العالم. الكتاب يُظهر لنا أن الكتابة ليست مجرد كلمات تُسطر على الورق، بل هي جزء من نسيج الحياة نفسه.
ختامًا: هل نعرف حقًا لماذا نكتب؟
ربما لن نجد إجابة واحدة شافية لهذا السؤال، فكل كاتب لديه دوافعه الخاصة التي تتغير مع الزمن والتجربة. لكن الشيء الأكيد هو أنالكتابة تظل واحدة من أكثر الأفعال البشرية صدقًا.
نكتب لأن الكلمات تمنحنا امتدادًا يتجاوز حدود الجسد، نكتب لأننا نبحث عن فهمٍأعمق لأنفسنا وللعالم من حولنا.
وربما، في نهاية المطاف، نكتب لأننا لا نستطيع العيش دونها.

