حينَ يُصبح الحَرفُ مفتاحًا

ماذا تعلّمنا من مقرر الكتابة والتدوين؟

في زمن يركض نحو الرَّقمنة، في زمنٍ اختُصِرَت فيه العوالم، داخل الشاشات، والنصّف يقرأ كما يُمسح الضوء، لم تعد الكتابة ترفًا أدبيًا، بل أصبَحتْ مهارةً حاسمة لكل من يسعى لأن يُرى أثَرُه ويُسمَعُ صَوتُه. هنا، تمَحْوَرت أهمية مقرر الكتابة والتدوين، وعَلَت أهميَّتُه كمنارةٍ أضَاءَت لنا طريقًا جديدًا في الفهم، لا للحرف فقط، بل لسُلْطَته في العصر الرقمي.

هذا المقرر لم يعلِّمنا كيف نكتُب فحسب، بل كيف نُفكِّر ككاتبٍ رقْمي، كيف نختار كلماتِنا كأننا نُحاور قارئًا سريعًا، مشتّتًا، يقرأ بعين الماسح الضوئي لا المتأمل العميق. تعلَّمنا كيف نجعل الجُمَل قصيرة، والعنَاوين نابضة، والمحَتوى واضحًا… لأن الإنترنت لا صَبر لهُ على التردد.

من خلال هذا المقرر، أدركنا الفرق الجوهري بين النص المطبوع والنص الإلكتروني، بين القارئ التقليدي وقارئ الشاشة. وتعلَّمنا أن الكتابة لوسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت ليست تقليدًا للصحافة الورقية، بل إعادة تشكيل كاملة: في البناء، والصوت، والإيقاع، وحتى في شكل الحرف على الشاشة.

تدرَّبنا على مفاهيمٍ حديثة مثل: النص الفائق، والوسائط المتعددة، وعلى استخدام الكلمات المفتاحية بذكاء لرفع فرص الظهور في محركات البحث. اكتشفنا معنى أن نكون كتابًا استراتيجيين، نعرفُ جمهورنا، ونُخاطبه على المنصة المناسبة، بالصوت المناسب.

ولأن التدوين اليوم لم يعد مجرّد مذكرات شخصية، بل أداة تأثير، تعلَّمنا كيف نُنشئ المدونات، ونكتب محتوىً يتوافقُ مع المنصات الرقمية مثل “تويتر”، و”لينكد إن”، و”فيسبوك” وغيرها، تعلَّمنا كيف نربط هذه الحسابات ببعضها لخلق حضور رقمي متكامل.

وفي قلب كل ذلك، تظل الفكرة الأهم: أن نَكتُبَ لنُسمَع. 
أن نفهم لغتنا كما يفهمها جمهورنا، وأن نستخدم أدوات العصر، لا لنُحَاكيه فقط، بل لنَقوده نحو محتوى أعمق، أصدق، وأكثر تأثيرًا.

أضف تعليق